الكوتشينغ التنفيذي لتحسين الأداء: إجراءاته ومؤشرات نجاحه


تكمُن مشكلة معظم كبار المديرين التنفيذيين في مختلف القطاعات والشركات حول العالم في حقيقة أنَّ المهارات والخبرات التي ساعدتهم على الحصول على الترقية وبلوغ المناصب القيادية تختلف عن المهارات اللازمة لتأدية الواجبات والمهام في المنصب الجديد.

أحياناً يحتاج المدير إلى العمل بجدٍّ على تنمية مهاراته وتحسين أدائه في المنصب الجديد الذي يمكن أن يتطلب عقلية أو نهجاً أو مهارات قيادية جديدة، وقد يواجه القائد أزمة ما، ويحتاج إلى بعض الدعم للتعامل معها، وتقع على عاتقه في الوقت نفسه مهمة قيادة الشركة في المرحلة المقبلة؛ إذ أثبت الكوتشينغ التنفيذي فاعليته في مساعدة القائد على التعامل مع مشكلاته وتحسين أدائه.

يُقدَّم الكوتشينغ التنفيذي على شكل برنامج مخصص ومُعَدٍّ حسب الحاجة لمساعدة القائد على تحقيق التقدم المهني، فقد يقدِّم الكوتش التنفيذي للقائد تغذيةً راجعة شخصية في الوقت المناسب لمساعدته على التعامل مع المشكلات التي لا تحتمل التأجيل.

دور كوتشينغ القيادة في تحسين الأداء:

يتم في المرحلة الأولى من كوتشينغ تحسين الأداء اختيار كوتش تنفيذي مناسب لاحتياجات القائد؛ إذ تتيح التكنولوجيا الحديثة إمكانية إجراء الكوتشينغ عبر الإنترنت، وقد صار بمقدور المدير التنفيذي التواصل مع كوتش خبير في مجال عمله، أو المشكلة التي يتعرض لها باللغة التي تناسبه من أي مكان في العالم.

ساهم توفُّر الإنترنت من ناحية أخرى في مساعدة كبار القادة على تنمية مهاراتهم في الوقت الذي يناسبهم وفق برنامج كوتشينغ يأخذ في الحسبان ضيق الوقت والانشغالات والضغوطات التي يتعرضون لها.

يخضع المدير التنفيذي عند تطبيق برنامج كوتشينغ الأداء لعدد من التقييمات التي تختبر مهاراته القيادية مثل "التغذية الراجعة بطريقة 360 درجة" (360-degree feedback assessment)؛ إذ تهدف هذه التقييمات إلى مساعدة القائد على تحديد نقاط قوَّته، وضعفه، وميوله، وعاداته، كما تُستخدَم بعض الأدوات بغرض تقييم موضوعات معيَّنة مثل أسلوب إدارة النزاعات والتعامل مع التغييرات على سبيل المثال.

تساهم البيانات المستخلَصة من التقييمات في مساعدة الكوتش التنفيذي على تحديد الهدف من المحادثة، وتقديم الاقتراحات والأفكار بناءً على متطلبات وحاجات القائد، وقد لا يخضع القائد في بعض الأحيان للتقييمات، ويستعين بالكوتش لكي يناقش معه أفكاره ووجهات نظره، ويساعده على التعامل مع الأوضاع والظروف الراهنة، ويزوِّده بالمهارات والتقنيات اللازمة للمرحلة المقبِلة.

يقتضي نجاح برنامج الكوتشينغ في كلتا الحالتين تعاون الكوتش والقائد على وضع الأهداف، ومناقشة تقنيات تقييم نجاح البرنامج، والاتفاق على جميع الإجراءات والضمانات، مثل السرية على سبيل المثال بشكل مسبَق.

تجري بعد ذلك جلسات الكوتشينغ الفردية بين القائد والكوتش التنفيذي على أرض الواقع أو عبر الإنترنت وفق الخطة الزمنية الموضوعة، بهدف مساعدة القائد على تطبيق معارفه ومعلوماته السابقة، واكتشاف وجهات نظر ومصادر جديدة، وتعزيز وعيه الذاتي وقدرته على مواجهة التحديات التي يمكن أن تطرأ في المستقبل.

يتعاون الكوتش والقائد خلال البرنامج على التعامل مع التحديات المهنية والشخصية التي تعوق نجاح المدير التنفيذي على الصعيد المهني، وتمنعه من تحقيق أهداف الفريق أو القسم المسؤول عن إدارته، ويساهم كوتشينغ الأداء في إعداد القائد وتزويده بالمهارات والأساليب التي يحتاج إليها للتعامل مع تحديات المنصب الإداري.

غالباً ما يتضمن برنامج الكوتشينغ التنفيذي أساليب إدارة الأزمات، وتسوية النزاعات بين الأفراد، وتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعمل، وكيفية الحصول على معلومات وافية عن المسائل الهامة، فقد لا يقدِّم الكوتش حلولاً لهذه التحديات، ولكنَّه يساعد المدير التنفيذي على اكتشاف وجهات نظر وفرضيات جديدة، وطرح أسئلة قيِّمة، وإيجاد الحلول التي يبحث عنها.

يتم عقد اجتماع نهائي بين الكوتش، والمدير التنفيذي، ورئيسه المباشر أو رئيس قسم الموارد البشرية إن أمكن، بغية مناقشة التقدُّم المُحرَز في تحقيق الأهداف، والإشارة إلى التحديات المتبقية، وتحديد الإجراءات والخطوات اللاحقة المتعلقة بدعم المدير التنفيذي ومساعدته على تحقيق التنمية والتقدُّم في المرحلة المقبلة.

الكوتشينغ التنفيذي لتحسين الأداء:

إنَّ مؤهلات الكوتش التنفيذي ليست العامل الحاسم لاختياره؛ إذ يتطلب نجاح برنامج الكوتشينغ الفردي تحقُّق عدد من الشروط؛ لذا يجب أن يمتلك الكوتش التنفيذي الخبرات والمهارات اللازمة لمساعدة القائد على التعامل مع الأهداف والتحديات الراهنة، وأن يكون متخصصاً في مجال عمل القائد وخبيراً في قطاعه.

يتم اختيار الكوتش بناءً على العوامل السابقة، ثم يجري اللقاء بين الكوتش والمدير على أرض الواقع أو عبر الإنترنت للتعارف والبدء ببناء علاقة كوتشينغ قائمة على الثقة والألفة؛ لذا يجب توضيح الأهداف والشروط والترتيبات قبل بدء برنامج الكوتشينغ.

نجاح كوتشينغ تحسين الأداء:

يجب عليك أن تنظر في الجوانب العملية لعلاقة الكوتشينغ، بغية تحقيق أقصى فائدة ممكنة من الكوتشينغ التنفيذي، وفيما يأتي 4 إجراءات أساسية يجب الاتفاق عليها قبل بدء جلسات الكوتشينغ التنفيذي:

1. تحديد بيئة جلسات الكوتشينغ:

تكمن إحدى مزايا الكوتشينغ التنفيذي في إمكانية إجراء الجلسات على أرض الواقع، أو عبر الإنترنت، أو باستخدام البريد الإلكتروني على سبيل المثال، فيجب أن يحدد القائد الوسائل التي تناسبه وتتوافق مع جدول أعماله والوقت المتوفر لديه، ويستعلم من الكوتش عن الأساليب التي يتبعها في عقد جلسات الكوتشينغ مع العملاء.

2. وضع برنامج كوتشينغ متكامل:

يجب مناقشة مواعيد جلسات الكوتشينغ وعددها وكيفية التواصل مع الكوتش خارج أوقات الجلسات، والاتفاق على جميع الإجراءات المطلوبة من الكوتش، مثل إرسال التقارير الدورية عن التقدم المُحرَز وتقييمه، أو مناقشة التحديات والمشكلات الراهنة، أو الإجابة عن الاستفسارات المتعلقة بالعملية.

3. مناقشة مسألة السرية:

يتطلب الكوتشينغ الإفصاح عن كثير من المعلومات المتعلقة بالمدير والمؤسسة؛ لهذا السبب يجب مناقشة ضمانات السرية.

4. تحديد نظام التسديد:

يجب أن تستعلم عن خدمات الكوتشينغ التي تتطلب رسوماً إضافية، وإجراءات التعامل مع المواعيد الملغاة، كما ينبغي مناقشة الحالات الطارئة، فقد تضطر لسبب ما أن تنسحب من برنامج الكوتشينغ؛ لهذا السبب يجب أن تستفسر عن ترتيبات وإجراءات الانسحاب والرسوم المادية المترتبة عليك في مثل هذه الحالة، وتذكَّر أنَّ نجاح تجربة الكوتشينغ يعتمد على مدى التزام الطرفين؛ إذ يقتضي دور القائد أن يكون منفتحاً لوجهات النظر وإجراءات العمل الجديدة.

مؤشرات نجاح الكوتشينغ التنفيذي لتحسين الأداء:

فيما يأتي 4 عوامل لتقييم نجاح تجربة الكوتشينغ:

1. الوضوح:

ساهم العمل مع الكوتش في مساعدة القائد على تغيير وجهات نظره تجاه التحديات الراهنة وطريقة تعاطيه معها.

2. المنظور:

أصبح القائد يدرك بفضل مساعدة الكوتش ضرورة تغيير أساليب التعاطي مع التحديات بحسب الظروف.

3. الصمود:

ساهم العمل مع الكوتش في تشجيع القائد على الاستمرار والصمود خلال الظروف الصعبة.

4. الإنتاجية:

ساهم العمل مع الكوتش في مساعدة القائد على اكتشاف أساليب زيادة الإنتاجية وفاعلية العمل.

في الختام:

ينجح برنامج الكوتشينغ عندما يصبح المدير التنفيذي أكثر فاعلية في حياته الشخصية والمهنية، فيمكن استخدام كوتشينغ الأداء لمساعدة كبار قادة المؤسسة على الاستعداد نفسياً وعاطفياً ومهنياً لقيادة الشركة في وقت الأزمات، وقد يؤدي كوتشينغ الأداء من ناحية أخرى إلى زيادة عائدات المؤسسة، وقدرتها على التكيف مع تغيُّر حركة السوق، إضافة إلى تطبيق استراتيجيات جديدة في العمل.